طريقة فعالة للعلاج من الانهيار العصبي

طريقة فعالة للعلاج من الانهيار العصبي




لانهيارالعصبى عبارة أصبحت متداولة بكثرة الأحاديث اليومية، بفعل ضغوطات الحياة ومتاعبها وما تسببه من قلق وسأم ومعاناة نفسية يختلف وقعها وحدتها من شخص لآخر، لدرجة أن البعض يعتقد أنه أصيب بانهيار عصبي. لكن برأي الأخصائيين، الانهيارالعصبي مرض مستقل بذاته، أعراضه معروفة ومحددة طبيا، والإصابة به تستدعى الخضوع لمتابعة طبية


الانهيار العصبي حزن دائم 

أصبح تعبير الانهيار العصبى كثير التداول، خاصة من طرف الذين ليست لهم معرفة بالمجال الطبي . ويستعمل فى غالب الاحيان عند الشعور بمعاناة نفسية. هل يمكن أن تقدم تعريفا للانهيار العصبي، وما هي الحدود الفاصلة بين الحالة المرضية وسحابة تعب زائلة؟
بالفعل أصبح اليوم تعبير الانهيار العصبي كثير الاستعمال، ومقترنا بالشعور بمعاناة سيكولوجية، لكن على لمستوى الطبى أو على مستوى التخصص في علم النفس، تشمل هذه المعاناة السيكولوجية عدة أشكال ، وهناك عدة أمراض نفسية، ومن ضمنها الانهيار العصبى. ونلاحظ أن هذه الكلمات تستعمل غالبا بطريقة شاملة لنعت أية حالة من المعاناة النفسية. لكن الانهيار العصبى هو حالة مرضية. الإنسان بطبعه يتميز بخاصية طبيعية تسمى المزاج، وهى تهيؤه للإحساس بالفرح أو الحزن، الفرح عند تلقى خبر إيجابى سار، والحز لتعرض لحدث مؤلم وللإنسان القدرة على التحول من حالة الحزن إلى الفرح ومن حالة الفرح إلى الحزن بشكل فورى. لذلك، فالمزاج فى حالته الطبيعية يقوم بردة الفعل ضد لمؤثرات التى يخضع لها. وحين تغيب هذه المؤثرات، يصبح المزاج محايدا ، لا حزن ولا فرح، إلى غاية لتعرض لمؤثرات مقبلة.

والانهيار العصبى هو حين يصبح المزاج فاقدا القدرة على ردة الفعل، ويصاب بحالة من الحزن دائمة تتجاوز مدتها أسبوعين. إذن فالانهيار العصبى هو مرض المزاج الذي يصبح حزينا بصفة دائمة.

متى تجب زيارة الطبيب ؟ 

■ ما هى الاعراض التى ترافق الانهيار العصبي والتي تميزهذا المرض عن باقي الإصابات النفسية الأخرى ؟ 
▪ تتمثل أعراض الانهيار العصبى فى مزاج حزين وكآبة مستمرة والنفور من كل شىء، واحتقار المصاب لذاته احساسه بأنه غير قادر على فعل أي شىء وأنه غير مؤهل للقيام بعمل ما، وأنه بلا قيمة وبلا كفاءة، وأحيانا يشعر بأنه دنىء، غير آهل بالثقة التى يضعها فيه الآخرون أوالصدقة والحب الذى يكنه له الآخرون.

وهكذا يتعذب الشخص المصاب بهذه الأفكار وبهذه الكآبة الدائمة. ويبقى مزاجه مستقرا فى حالة من الأسى والكآبة، ويعجز عن التفاعل مع أي حدث يتعرض له سواء كان مفرحا أو مفجعا. ويعتقد المصاب بأن حالته الصحية غير قابلة للعلاج وأنه لن يتمكن من التخلص من هذا المرض ،وبأن أمله فى الحياة وفى الوجود أصبح منعدما،

ويرافق هذا الخلل الحاصل فى المزاج، حالات من الكبح على ثلاث
مستويات:
1_ على المستوى الفكرى : يجد المصاب صعوبة كبيرة فى التفكير وفي إيجاد حلول لمشاكله رغم بساطتها .
2_على المستوى العاطفى : ينعدم عند المصاب الإحساس والشعور بأى شىء حتى ولو تعرض لحادث سعيد أو لحادث خطير.
3_على المستوى الحركي : يجد المصاب صعوبة كبيرة في الحركة، ويعجز عن القيام بأدنى مجهود. ولا تكون عنده الرغبة أو القدرة الجسدية على القيام بأبسط الأمور كالاستحمام مثلا. وهذا الشعور بالعياء العام والإرهاق الجسدي هو الذي يكون سببا لزيارة الطبيب فى أغلب الحالات.
إلى جانب هذه الأعراض التى تعرف بنواة الانهيار العصبي، هناك أعراض أخرى ترافق الإصابة كاضطراب النوم والشعور بالخوف والهلع، وفقدان الشهية وضعف أو غياب الرغبة الجنسية.
عموما، لا بد من زيارة الطبيب فى حالة الشعور بحزن وتعب وإرهاق نفسى لمدة تفوق أسبوعين. 
ليس للانهيار العصبي سبب معين

■ أول فكرة تتبادر للذهن عند الحديث عن الانهيار العصبي هي أن الإصابة تنتج عن التعرض لمشكل ما. إلى أي حد تصبح هذه الفكرة ؟ وما هي أسباب الإصابة بالانهيار العصبي ؟
▪ في تحديد أسباب الانهيار العصبي، يجب التمييز الإصابة. بين نوعين من الاصابة. أولا، الإصابة التى تكون ناتجة عن عوامل خارجية وبئيسة ، بحيث قد لانهيار العصبى بسبب وضعية معينة يعيش فيها المصاب فشلا مستمرا فى الحياة، أو وضعية صراعية لا يجد المرء أية إمكانية للخروج منها.
ثانيا، الإصابة التى لا تلعب العوامل البيئية والخارجية دور في وقوعها دور وتحدث بشكل تلقائى دون أن توجد أية عوامل مسببة، وإن تزامنت الإصابة مع حادث ما، لأن السبب الحقيقى يكون ورائيا وجينيا. وهذا النوع من الانهيار العصي يرتبط بحدوث تحولات على مستوى الدما يتم خلالها انطلاق مسلسل الانهيار العصبى، وتحدث الإصابة فى هذه الحالة عدة مرات متعاقبة، حيث أن المريض يمر من مرحلة المرض ، ثم مرحلة تسمى "فترة حرة " يكون خلالها معافى، ثم تبدأ مرحلة اخرى من الإصابة بالانهيار العصبى.

وأحيانا تتناوب حالة الانهيار العصبى مع حالة مضادة، حيث يتصف المزاج بعد الشفاء من الانهيار العصبى بالسعادة والفرح.

دورة الانهيار العصبى من ست أشهر إلى سنة 

■ ما أن أسباب الانهيار العصبى تختلف من النوع الأول إلى النوع الثاني من الإصابة، فهل يرتبط تطورالمرضى بالعوامل المسببة له، أم أنه يعرف نفس المسار والتطوركيفما كان السبب ؟

▪ عندما تنطلق الإصابة بالانهيار العصبى، فإن الحالة لا تبقى مرتبطة بالعوامل المسببة حتى بالنسبة للنوع الناتج عن العوامل البيئية والخارجية . 

إن الإصابة تتطور من تلقاء ذاتها وتأخذ مسارا ضروريا لكل إصابة بالانهيار العصبى، لأن الانهيار العصبى يمر من دورة مدتها تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة .

وزوال العامل المسبب للانهيار العصبى لا يمكن من التخلص من المرض فى الحين، لأنه بمجرد انطلاق الإصابة تحدث تغيرات بيولوجية فى الدما غ ،تجعل مسلسل الانهيار العصبى يتطور من تلقاء ذاته .

وما اريد ان اوضحه بخصوص اسباب الانهيار العصبى هو أنه ليست هناك علاقة خطية و مبا شرة بين سبب واحد والإصابة، والطبيب المختص لا يمكنه الجزم بأن الانهيار العصبى ناتج عن سبب معين، بل هنالى التقاء عوامل متعددة سيكولوجية ووراثية وبيئية .
وفيما يتعلق بالعوامل البيئية ، ففي نظام الحياة الراهنة توجد أسباب كثيرة للفشل، حيث يخوض الفرد صراعا يوميا فى الحياة ويتعرض لإحباطات عديدة، وما يطلب منه يفوق بكثير ما كان عليه الأمر قبل سنوات. 

كما أنه سيحدد صعوبة كبيرة فى مسايرة وقبول التغيرات التى تحدث. ومن هو غير مؤهل نفسيا لهذه التنافسية والتحولات الحاصلة فى المجتمع، تكون عنده تربة ملائمة للوقوع ضاحية الانهيار العصبى خاصة إذا أضيفت هذه العوامل للعوامل البيولوجية والوراثية.


الانهيار العصبى والانتحار


■ ما دامت الإصابة بالانهيار العصبي تتطور من تلقاء ذاتها كما ذكرت، وأنها تحتاج لمرور فترة زمنية معينة لتزول بعد ذلك، فهنالك من يعتقد بانه من الأفضل أن يترك للزمن فرصة التخلص من المرض دون التدخل الطبى ودون تناول أدوية معالجة، ويختارحلولا أخرى كممارسة الرياضة والترويح عن النفس بالسفروالتنزه... ما قولك في ذلك، وما هوالعلاج الملائم للانهيار العصبى ؟

▪ الانهيار العصبي ليس حالة مزاجية، وانما هو مرض بحد ذاته يتلازم مع معاناة نفسية تحتاج للعلاج فى الوقت المناسب.

وإن كان الانهيار العصبي يتطور بشكل تلقائى خلال مدة زمنية تتراوح ما بين ستة أشهر إلى سنة، والإصابة تختفى بعد مرور هذه المدة بصفة عامة، إلا أن

المشكل هو أنه ليست كل الحالات تتطور بهذا الشكل، لأن الانهيار العصبي يمكن أن يدوم وقتا أطول. ومن خلال الحالات التى نستقبلها هنالك بعض المرضى الذين يصرحون بأنهم يرغبون فى التخلص من المرض دون تناول الدواء، بل بممارسة الرياضة والخلود للراحة فقط. لكن مع الأسف، هذه الحلول وحدها غير كافية، لأن الانهيار العصبى معاناة نفسية ، ولا يمكن أن نترك المريض عرضة لهذه المعاناة فى انتظار مرور الوقت، وإمكانية علاجه ومساعدته متوفرة وممكنة.

كما أن العواقب السيكولوجية والاجتماعية يمكن أن تكون وخيمة على المصاب، لأنه يصبح خلال فترة المرض منعزلا عن وسطه، لا يشتغل، ولا يقوم بدوره الأسري والاجتماعي، كما أنه يكون مهددا بفقدان عمله. كما أن المصاب بالانهيار العصبي يمكن أن يلجأ إلى الانتحار،تجنبا لهذه المشاكل، وعوض إضاعة الوقت يجب على المريض اتباع علاج طبى.

ويتمثل علاج الانهيار العصبي في وسيلتين هما:

1- العلاج بالأدوية المضادة للكآبة (ANTI-DEPRESSEURS)، ونتوفر الآن العديد من أشكال الأدوية التى تقوم بالدور تصحيح وتقويم المزاج الحزين. وقد برهنت هذه الأدوية على فعاليتها فى العلاج، وتستغرق مدة العلاج ستة أشهر على الأقل تحت المراقبة الطبية. أما المزاج، فيصبح عاديا بعد شهر من تناول الدواء، ويقوم الدواء بعد ذلك بدور تقوية وتمتين العلاج.

وفى حالة الإصابات المتكررة بالانهيار العصبى، فالأمر يتطلب ا تباع علاج وقائى حتى بعد الشفاء لتفادى معاودة المرض.

2- العلاج السيكولوجي : ويستعمل خاصة فى الحالات المرتبطة بالعوامل الخارجية، حيث يحتاج المريض لمتابعة نفسية وإحداث تغيير في نمط حياته. ويقوم الأخصائى بتمكينه من مساحة نفسية تساعده على إيجاد الحلول لمشاكله .

الأدوية المضادة للاكتئاب ليست عقاقير سعادة


■ هناك من يظن أنه بإمكانه تناول الأدوية المضادة للاكتئاب بهدف الإحساس بالفرح والانتعاش والسعادة، دون أن يكون مصابا بمرض ما. ما مدى صحة هذا الاعتقاد ؟
▪ إن الأدوية المضادة للاكتئاب تستعمل لعلاج الانهيار العصبي. وهي ليست عقاقير السعادة يتم تناولها للاحساس بالسرور والفرح ومن الخطأ استعمال هذه الأدوية بشكل عشوائى، لأنها أدوية توصف فى وضعية معينة ومحددة طبيا.
كما أن هذه الأدوية ليست لها فعالية راهنة، ونتائجها لا تظهر إلا بعد مرور أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. ويجب أن تؤخذ بشكل منتظم لتكون فعاليتها مضمونة، وتحتاج لوصفة طبية دقيقة.

هل الادوية المضادة للاكتئاب تؤدي إلى الإدمان ؟


■ يتخوف العديد من المرض من السقوط ضحية الإدمان بعد اتباعهم لعلاج بالأدوية المضادة للاكتئاب. هل فعلا تسبب هذه الأدوية الإدمان لمن يتناولها ؟ 
▪ إنه خطأ شائع، فهذه الأدوية تقوم فقط بتقويم وتصحيح المزاج، وهى لا تسبب الإدمان لمن يتناول أدوية لعلاج الانهيار العصبي تحت الإشراف الطبى .



image via:mbc.net
loading...

المشاركات الشائعة